أكثر من 250 سؤالا عن أحكام صيام شهر رمضان
خامسا: صفة صوم النبي صلى الله عليه و سلم
60- فضائل الصيام
جاءت آيات بينات محكمات في كتاب الله المجيد ، تحض على الصوم ؛ تقرباً إلى الله - عز وجل - ،وتبين فضائله ؛ كقوله - تعالى - :{ والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً } (الأحزاب : 35).
وقال - تعالى - :{ وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون} (البقرة : 184) .
وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصوم حصن من الشهوات لقوله صلى الله عليه وسلم :{ يا معشر الشباب !من استطاع منكم الباءة (1) فليتزوج ؛ فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع ؛ فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء(2) } (البخاري (5065) ومسلم (1400)) .
يتبين لك أخي المسلم من هذا الحديث أن الصوم يقمع الشهوات ، ويكسر حدتها ، وهي التي تقرب من النار ، فقد حال الصيام بين الصائم والنار .
لذلك جاءت الأحاديث مصرحة بأنه حصن من النار ، وجُنَّةٌ (3) يستجن بها العبد من النار ، قال صلى الله عليه وسلم :{ ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله ، إلا باعد الله بذلك وجهه عن النار سبعين خريفا } ( البخاري (2840) و مسلم (1153) ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : { الصيام جنةٌ يسْتَجَنُّ بها العبد من النار } ( "صحيح الترغيب" (970) ) .
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : يا رسول الله ! دلني على عمل أدخل به الجنة ، قال صلى الله عليه وسلم :{ عليك بالصوم ، لا مثل له } ( "صحيح سنن النسائي" ( 2097) ) .
61- فضل شهر رمضان
رمضان شهر خير وبركة ، حباه الله بفضائل كثيرة ؛ منها : أن الله - عز وجل - أنزل فيه القرآن هدى للناس ، وشفاء للمؤمنين .
قال - تعالى -{ شهر رمضان الذي أُزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه }(البقرة : 185) .
وفي شهر رمضان ليلة هي عند الله - عز وجل - خير من ألف شهر ؛ ألا وهي ليلة القدر، قال - تعالى - : { إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر } (القدر) .
وفي هذا الشهر تصفد الشياطين ، وتغلق أبواب النيران ، وتفتح أبواب الجنان ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا جاء رمضان ؛ فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النيران ، وصفدت الشياطين } (البخاري (3277)، ومسلم (1079)).
62- النية
إذا ثبت دخول رمضان بالرؤية البصرية ، أو الشهادة ، أو إكمال العدة ، وجب على كل مسلم مكلف أن ينوي صيامه في الليل ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له (5)} ( "إرواء الغليل" (914) ). ومن أدرك شهر رمضان وهو لا يدري ، فأكل وشرب ، ثم علم ، فليمسك ، وليتم صومه ، ويجزؤه ذلك .
63- وقت الصوم
عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - ، قال : ( لما نزلت هذه الآية :{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} ؛ قال : فكان الرجل إذا أراد الصوم ؛ ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما ، فأنزل الله بعد ذلك :{ من الفجر} ، فعلموا أنما يعني بذلك الليل والنهار ) . ( البخاري (1917) ومسلم (1091) ) .
64- الفجر فجران
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الفجر فجران : فأما الأول ؛ فإنه لا يحرم الطعام ولا يحل الصلاة (6) ، وأما الثاني ؛ فإنه يحرم الطعام ، ويحل الصلاة (7) } ( "الصحيحة" (693)) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد(
وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر(9)} ( "الصحيحة"(2031) ) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الفجر ليس الذي يقول هكذا - وجمع أصابعه ، ثم نكسها إلى الأرض - ، ولكن الذي يقول هكذا - ووضع المسبحة على المسبحة ، ومد يديه } (البخاري (621) ، ومسلم (1093)).
65- ثم يتم الصيام إلى الليل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أقبل الليل من هاهنا ، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس ؛ فقد أفطر الصائم } ( البخاري (1954)، ومسلم (1100 ) ).
وهذا أمر يتحقق بعد غروب قرص الشمس مباشرة ، وإن كان ضوؤها ظاهراً ، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا كان صائماً ؛ أمر رجلاً ، فأوفى (10) على شيءٍ ، فإذا قال: غابت الشمس ؛ أفطر ( "صحيح ابن خزيمة" (2061) ).
66-السحور
قال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذي من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة : 183) فكان الوقت والحكم على وفق ما كتب على أهل الكتاب أن لا يأكلوا، ولا يشربوا، ولا ينكحوا بعد النوم - أي : إذا نام أحدهم ؛ لم يطعم حتى الليلة القابلة - ، وكتب ذلك على المسلمين ، فلما نُسخ ، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسحور تفريقاً بين صومنا وصوم أهل الكتاب .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر} ( "صحيح الجامع" (4207) ) .
والسحور بركة ؛ لأنه اتباع للسنة ، ويقوي على الصيام ، وفيه مخالفة لأهل الكتاب .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { تسحروا فإن في السحور بركة } ( البخاري (1923) ، ومسلم (1095) ) .
ومن أعظم بركات السحور أن الله - سبحانه - وملائكته يصلون على المتسحرين ، قال صلى الله عليه وسلم : { السحور أكلة بركة فلا تدعوه ، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء (11) ، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين }( "صحيح الترغيب" (1062) ).
67- الإفطار
قال صلى الله عليه وسلم : { لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر ؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون } ( "صحيح الترغيب" (1067) ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : { لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر } (12) ( البخاري (4 /173) ، ومسلم (1093) ).
إذا كان الناس بخير ؛ لأنهم سلكوا منهاج رسولهم ، وحافظوا على سننه ؛ فإن الإسلام يبقى ظاهراً وقاهراً ، لا يضره من خالفه ، وحينئذ تكون الأمة الإسلامية قدوة حسنة يتأسى بها ، لأنها لن تكون ذيلاً لأمم الشرق والغرب ، وظلاً لكل ناعق تميل مع الريح حيث مالت .
68- ماذا يقول عند الإفطار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { للصائم عند فطره دعوة لا ترد } ( "إرواء الغليل" (903) ).
ومن الدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقد كان يقول صلى الله عليه وسلم إذا أفطر : { ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله } ( "إرواء الغليل" (5920) ) .
69- ماذا يجب على الصائم تركه
اعلم أيها الموفق لطاعة ربه - جل شأنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم حث الصائم أن يتحلى بمكارم الأخلاق وصالحها ، ويبتعد عن الفحش ، والتفحش ، والبذاءة ، والفظاظة ، وهذه الأمور السيئة وإن كان المسلم مأموراً بالابتعاد عنها واجتنابها في كل الأيام ؛ فإن النهي أشد أثناء تأدية فريضة الصيام .
لهذا جاء الوعيد الشديد من النبي صلى الله عليه وسلم لمن يفعل هذه المساوىء ، فقال صلى الله عليه وسلم : { رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش } ( "صحيح الترغيب " ( 1076 – 1077) ) فيجب على الصائم أن يبتعد عن الأعمال التي تجرح صومه .
70- ما يباح للصائم فعله ؟
1- الصائم يصبح جنباً :
عن عائشة وأم سلمة - رضي الله عنهما- : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حُلم ، فيغتسل ويصوم } ( البخاري (1930) ، ومسلم (1109) ) .
2 - السواك للصائم :
قال صلى الله عليه وسلم: { لولا أن أشق على أمتي ، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة } ( البخاري (887 ) ، ومسلم (252) ) فلم يخص الرسول صلى الله عليه وسلم الصائم من غيره ، ففي هذا دلالة على أن السواك للصائم ولغيره عند كل وضوء وكل صلاة .
3 - المضمضة والاستنشاق :
كان صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق وهو صائم ، لكنه منع الصائم من المبالغة فيهما.
قال صلى الله عليه وسلم : { ... وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً } ( "إرواء الغليل " (90) ) .
4 - المباشرة والقبلة للصائم :
ثبت عن عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت : صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه } ( البخاري (1927) ، ومسلم (1106) ) .
- ويكره ذلك للشاب دون الشيخ :
فقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء شاب ، فقال : يا رسول الله ! أُقبل وأنا صائم ؟ قال : { لا } ، فجاء شيخ ، فقال : أٌقبل وأنا صائم ؟ قال : { نعم } ، قال : فنظر بعضنا إلى بعض ، قال صلى الله عليه وسلم : { ... إن الشيخ يملك نفسه } ( "الصحيحة" (1606) ) .
5 - تحليل الدم ، وضرب الإبر التي لا يقصد بها التغذية .
6 - الحجامة :
كانت من جملة المفطرات ثم نسخت ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وهو صائم؛ عن ابن عباس- رضي الله عنهما - : { أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم } ( البخاري (1939) ).
7 - ذوق الطعام :
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ( لا باس أن يذوق الخل ، أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم ) . ( البخاري (3 /154) "الفتح" ) .
8 - الكحل والقطر ونحوهما مما يدخل العين .